الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

فتاة هـــــزت أركان شــــاب !!!


.
.
.

.

حاول شاب أن يستوقف فتاة ليصف لها مدى إعجابه بها .....

ولكن الفتاة لم تكن صيدا سهلا .. كباقي الأسماك المغفلة أو ربما البريئة ..

ردت عليه بطريقة جعلته يدور حول نفسه دورة كاملة ويهتز في مكانه ..

والأكثر من هذا أنها قلبت طريقة تفكيره وجعلته يغير نظرته القزمة تجاه كل فتاة أراد أن يتسلى بها ..

أتعرفون .. بما وكيف ردت عليه ..

بهدوء الواثقة العاقلة قالت له :

أيُّها الشابُ النبيلُ تنحّى .. إن مازالتْ فيكَ نخوةٌ عربية ..

سألتُكَ إن بقيتْ فيكَ ذرةُ كرامةٍ .. دعني أمُرُّ ولا تُكثر عليَّا ..

لديَّا مُحاضرةٌ أو موعدٌ أم أبي ينتظِرُني .. أنتَ لا يعنيكَ بِما لديَّا ..

لو كُنتَ تراني أميرةً في نظرِك .. فدعني أراكَ فارِساً عربيا ..

دعني أُصدِّقُ أنَّ الرُجولةَ مازالت في شبابِنا .. أم أنّكُم ترتدونها في المُناسباتِ الرسميِّة ..

أو في غُرفِ نومِكُم .. وعلى مقاعِدِكُم .. أو عِند مُحاولةِ صيدِ فتاةٍ غبيِّة ..

أنا كأُختك .. ولا أضُنُّكَ ترتضي لأُختِكَ هذا
أم أنَّها مُحرّمةٌ .. وأنا مسموحةٌ وشرّعية ..

أم أنَّها عذراءٌ ومُقدَّسةٌ بِالنسبةِ لكَ .. وأنا لستُ مِثلها صَبيِّة ..

أيُّها الصديقُ الشهمُ .. تَفضّل إن كانَ عِندكَ ما تقولُ
كُلِّي آذانٌ صاغية .. فأنا لكَ صَديقةٌ وفيِّة ..

ولكِن مِن فضِّلك ... لو سمحت

لا تبدأ في الحديثِ المُمِّلِ ذاته .. أَنّني أُعّجِبُكَ وأنَّكَ
على استِعدادٍ أن تتقدمَ رسميِّا ..

وأننّي مُنذُ بدايةِ العامِ أُفكِّرُ بِكِ .. ولا أنامُ ولا أآكلُ
تَصوّري .. حياتي تَلخبطت كُليَّا ..

وأنني وأنني ...

فهذا اللِسانُ ما عادَ يقطُرُ عسلاً .. ولا يحمِلهُ سِوى الأغبياء
ولستُ أتَشرّفُ إن جئتني غبيَّا ..

صَعَدَ العالمُ إلى القمرِ ومازلنا نُقزِّمُ فِكرنا بِالتفاهاتِ العاطِفيِّة ..

ومازالَ أقصى ما يَصِلُ إِليّهِ فكرُنا .. كيفَ نواجِهُ تِلكَ الصبيِّة ..

وماذا نَقولُ .. وكيفَ نَقولُ .. وأيَّ قِناعٍ نلبسُ وأيَّ شخصيِّة ..

تنّحى حضرةَ المُحّتَرم .. فلا ترضى إِمرأةٌ كريمةٌ أن تُرى هكذا

ولا أَضُنُّ أنَّ رجُلاً كريماً يَرتضي لي نظرةً دُونيِّة ..

فاحفظ ماءَ وجهِكَ وتوكّل على الله ..

إن كانتْ أوقاتُكَ لهوٌ وعَبثٌ .. فأوقاتي يا سيِّدي ذَهبيِّة


،،

نقلاً

ربنا يصلح شباب المسلمين وبنات المسلمين

رسالة عاجلة من الشيخ كشك إلى الأنبا شنودة رأس الفتنة في مصر

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة عاجلة من الشيخ كشك إلى الأنبا شنودة رأس الفتنة في مصر

المصريون وثقافة التسامح

"أيدي خفية تعبث بأمن مصر وتهدد استقرارها"
عبارة كربونية تكررت عقب كل حادث انفلات أمني أو فتنة طائفية تقع في مصر منذ الإطاحة بنظام مبارك الفاسد، عبارة أصبحت مثل الإكلاشيه أو المشجب الذي يعلق عليه كل الفتن والاضطرابات والفوضى التي تضرب مصر بقوة، وتحديدًا منذ ظهور نتائج الاستفتاءات على التعديلات الدستورية، والتي كانت على ما يبدو إشارة البدء في حملة منظمة ومرتبة يقودها "اللهو الخفي" من أجل نشر الفوضى والاضطرابات في مصر.
مصر كانت تعيش حالة فريدة من التكاتف والتلاحم أثناء ثورة الشعب المصري ضد الطاغية مبارك، فالجميع كأنه نسيج واحد، الشعب المصري بجميع أطيافه في حالة اصطفاف ميداني على مطلب سقوط النظام الاستبدادي، وظلت حالة السكرة بهذا النموذج الحضاري الفريد مستمرة حتى حانت لحظة الفراق وتمايز الصفوف وكشف النوايا، وهي لحظة الاستفتاءات الدستورية حيث اختارت التيارات الإسلامية ومعها الغالبية الساحقة للشعب المصري الموافقة على التعديلات، وهي الموافقة التي كانت ستسرع وتيرة الانتقال لحكم مدني وعقد الانتخابات وتكوين مؤسسات الحكم النيابية والتشريعية والتنفيذية، في حين تبنت الكنيسة معسكر الرافضين للتعديلات بدعوى كتابة الدستور أولاً قبل الانتخابات، وحقيقة خلال هذا الاستفتاء جرى تجييش ديني متعمد من كلا المعسكرين، فبعض الرموز الإسلامية ألبست الموافقة ثوب الإيمان وألحقتها برتبة الواجبات التي لا يحل تركها بحال، وفي المقابل شط معسكر الكنيسة وأعلن أن من يصوِّت بنعم فقد عادى المسيح ـ عليه السلام ـ وهكذا كانت الاستفتاءات بداية الاستفاقة من عارض التسامح بين الفريقين، ربما يسارع البعض فيعترض على لفظة "عارض التسامح" هذه، ولكني أوضح هذا المعنى فأقول: إن الأصل في الحالة المصرية التاريخية هو التسامح، ولكن هذا التسامح مر بعدة منعطفات أخرت التسامح لصالح الاحتقان والتوتر، وظلت تؤخره حتى أصبح الاحتقان هو الأصل والتسامح هو العارض.
فأولى المنعطفات كانت أيام الحملات الصليبية على مصر والشام أيام حكم المماليك وليس الأيوبيين، وهي الحملات التي انطلقت من جزيرة قبرص التي تولت كبر إرسال الحملات الصليبية على العالم الإسلامي بعد خفوت قوة الدول الكبرى مثل فرنسا وإنجلترا وألمانيا، وملوك قبرص الصليبيون ظلوا يشنون الحملات على مصر والشام لقرابة القرن ونصف من الزمان [ 1250 م ــ 1382] خلال هذه الحملات برزت بعض التصرفات السلبية من نصارى مصر والشام حيث أظهروا تعاطفًا مع هذه الحملات وتأييدًا خفيًّا لها، بل واشتراكًا فعليًّا وحقيقيًّا عندما قام بعض النصارى المصريين سنة 721 هـ ـ 1320م  بحرق أجزاء كبيرة من القاهرة مستخدمين مواد كيميائية أمدهم بها القبارصة، وكان من شأنها أنها تشتعل ببطء وبعد فترة، فأحرقت مساجد وجوامع وقصورًا وأماكن حسنة كثيرة، وقَنَتَ الناس في الصلوات واشترك الجميع في إطفاء الحريق حتى الأمراء أنفسهم، ثم انكشفت الجريمة بسبب كتاب تهنئة أرسله ملوك قبرص للجناة على جريمتهم الشنيعة، فعاقبهم السلطان المملوكي وقتها ـ سيف الدين تنكز ـ عقوبات كبيرة ورادعة، ولكنَّ المصريين أصابتهم الصدمة من خيانة هؤلاء النصارى لبلادهم، وأصبح النصارى لفترة طويلة محط شكوك وظنون السلاطين المماليك والشعب المصري.
ثاني المنعطفات كان عند دخول الاحتلال الفرنسي بقيادة بونابرت إلى مصر سنة 1798م ـ 1214 هـ، وأراد بونابرت أن يخدع المصريين فأظهر احترامه للإسلام وأنه جاء بأمر الخليفة العثماني للقضاء على ظلم المماليك، ولكنَّ المصريين قد فطنوا لخديعته وتعاملوا معه على أنه عدو صليبي حاقد يستهدف دينهم وبلادهم، ولكن الصدمة العنيفة تمثلت في رد فعل النصارى في مصر حيث انضمت أعداد كبيرة منهم للجيش الفرنسي وتم تشكيل ما عرف بالفيلق القبطي في الجيش الفرنسي، وكان يقوده واحد من أشد الناس حقدًا على مسلمي مصر وهو المعلم يعقوب حنا، وهذا الفيلق بلغ عدد أفراده قرابة العشرة آلاف قبطي وهم الذين تولوا هدم حي بولاق في ثورة القاهرة الثانية سنة 1800 على رؤوس ساكنيه، وفعلوا الأفاعيل البشعة والوحشية بحق مسلمي مصر، ولما خرج الفرنسيون من مصر خرج هؤلاء الأقباط معهم إلى فرنسا خوفًا من انتقام المصريين، وكانت هذه الحادثة بداية ما عرف بالمشكلة القبطية المعاصرة في مصر، حيث تبدلت حالة التسامح بدرجة كبيرة وأصبح الشك والتوتر والارتياب هو عنوان العلاقة بين المسلمين والنصارى في مصر.
ثالث المنعطفات كانت حادثة العربجي والمالطي والتي سبق وأن تكلمنا عنها في مقال منفرد وقد وقعت سنة 1876 م وفيها اختلف عربجي مصري مع مالطي على أجرة النقل وتحول الخلاف إلى معركة عنيفة قتل فيها العشرات ومعظمهم من الأجانب وجرح المئات واستغلت إنجلترا هذه الحادثة لتبرير هجومها على مصر واحتلالها لأراضيها بدعوى حماية الأقليات القبطية، وتحت هذا العنوان ظل الإنجليز يحتلون مصر لأكثر من سبعين سنة تغيرت فيها معالم مصر الثقافية والحضارية والاجتماعية بدرجة كبيرة جدًّا.
وأما رابع هذه المنعطفات وأخطرها وأطولها فهو تولي شنودة الثالث كرسي البابوية سنة 1971م، حيث كانت ولايته فاتحة عهد جديد من التصعيد والتوتر في العلاقة بين المصريين والنصارى في مصر، فشنودة شخصية في غاية الخطورة والتطرف، له أجندة خاصة وليست خافية على أحد، فهو يؤمن أشد الإيمان بأفكار جماعة الأمة القبطية المتطرفة التي كانت تريد أن تقيم دولة خاصة للأقباط في مصر، وهي الجماعة التي اختطفت البابا يوساب الثاني سنة 1955 وأجبرته على التنحي في قصة مشهورة، والمتابع لملف التسامح المصري منذ تولي شنودة يجد أنه يكاد يقع في حافة الهاوية بسبب سياسات شنودة الطائفية والانعزالية وطموحات الاستقلال عنده، فشنودة أجج مشاعر النصارى في مصر ونقلهم لحالة التثوير والانتفاض وحمل السلاح، وكرس عندهم مشاعر الانعزالية والتفرد والاختلاف، وغيَّر مفهوم المواطنة والانتماء، فالنصارى اسمهم الآن رعايا البابا أو شعب الكنيسة، ولا يطلقون على أنفسهم اسم المصريين إلا في المناسبات العامة، أما فيما بينهم فهم شعب الكنيسة وعيال قداسة البابا!
شنودة سيدخل خلال شهر عامه الأربعين في منصبه كبابا للنصارى في مصر، وخلال الأربعين سنة فقد المصريون تمامًا مشاعر الود والتسامح والرحمة فيما بينهم، فعشرات الحوادث الطائفية، وضحايا بالمئات، وحرائق ودمار لقرى بأكملها، ولا يكاد يمر عام بدون حادث طائفي بسبب كنيسة تُبنى أو فتاة تسلم أو غير ذلك من الأسباب التي كان من اليسير جدًّا حلها لو بقيت حالة التسامح المصرية على أصلها، وبالقطع لا يمكن أن نتجاوز الدور الكبير الذي لعبه نظام مبارك الفاسد في اللعب على أوتار الفتن الطائفية لإبقاء الشعب في حالة قتال داخلي ولا يطالب بحقوق أو عدالة أو حرية، وما جرى في حادثة تفجير القديسين ليس ببعيد.
المصريون الآن أمام أخطر هذه المنعطفات فالبقية الباقية من التسامح المصري على وشك الذهاب إلى غير رجعة، وعندما يكون الشك والريب والتوتر وسوء الظن هو الأصل في العلاقة بين مكونات أي شعب فهذا الشعب على وشك الاحتضار والخروج من ذمة التاريخ، لذلك وجب على العقلاء من كل جانب التداعي لكلمة سواء لوأد هذه الفتن المتلاحقة والجلوس على مائدة الحوار المفتوح لنسمع فيه مطالب كل فريق ونستل فيه حالة الاحتقان من النفوس، ونتحاكم فيه إلى قواعد العدل والحق والقانون والعقل السليم، بعيدًا عن لغة التهديد وحمل السلاح والاستقواء بالخارج أو الاستقواء بالأغلبية، لأن الخاسر في النهاية هو الجميع، ولسنا مطالبين أن نشهد لبعضنا البعض بالإيمان وصحة المعتقد، بقدر ما نحن مطالبون أن نقر لبعضنا البعض العيش في أمان وسلام وحرية معتقد، غير ذلك ستظل الفتن الطائفية الواحدة تلو الأخرى تعصف بالبلاد حتى نصل لمرحلة الحرب الداخلية المفتوحة، ويا لها من خاتمة مروعة لثورة عظيمة.

نصارى مصر : أقلية مضطهدة أم أقلية سعيدة أم أصحاب أرض

بسم الله الرحمن الرحيم
حلقة من برنامج مفاهيم 
على قناة النــــــــاس
لفضيلة الشيخ المهندس / عبد المنعم الشحات
المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية 
بعنوان :
نصارى مصر : أقلية مضطهدة أم أقلية سعيدة أم أصحاب أرض
روابط التحميل 

الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

حس يا ........... حسون

ليس عند المسلمين في الموت شماتة، وليس من خلقهم التشفي في مصارع القوم، ليس لنا أمام مثل هذه المصائب والنوازل إلا الاعتبار والتدبر والتعجب من قدرة العلي الحكيم، فكأس المنايا دائر على الجميع، وما من أحد إلا وسيتجرع منه عاجلاً أو آجلاً، ولكنها العبر والعظات من صروف الدهر وحوادث الزمان.
ـ يوم الأحد لقي الشاب سارية مصرعه في حادثة قتل متعمدة، عندما أطلق عليه النار من سيارة مسرعة مرت بجواره وهو خارج من كليته للاقتصاد والسياسة بدمشق، وسارية شاب في مقتبل شبابه، متفوق دراسيًّا، مهذب أخلاقيًّا، وهو مثل كثير من الشباب السوري المثقف، وليس له ذنب يقتل به فيما نعلم، ولا جريرة يؤخذ بها إلا جريرة ليست له في اختيار ولا مقدار، وهي كونه الابن الأصغر لواحد من أكثر الشخصيات بغضًا وكراهية لدى الشعب السوري، فسارية هو ابن مفتي سوريا بدر الدين أحمد حسُّون، أو مفتي الشبيحة كما يطلقون عليه الآن في سوريا.
ـ المفتي حسُّون يعتبر تجسيدًا كاملاً لمعنى الشيخ الرسمي وعلماء السلطة الذين لا يجرؤ الواحد منهم على قول الحق، وغاية وجوده تبرير كل مواقف الرئيس، والثناء على كل قراراته، والتهليل والتبريك لكل خطواته، المفتى حسون ليس بدعًا من علماء السلطة وخدمة النظم الاستبدادية القهرية، فشأنه في ذلك شأن طابور طويل من المفتين العابثين بأصول الدين من أجل رضا الجالس فوق الكرسي، شأنه شأن مفتي القذافي "علي أحمد بوصونة" الذي كان يبيح دم الثوار ويحلل للقذافي قتلهم وتشريدهم، وشأن مجلس علماء اليمن الموالي للسفاح صالح والذي أفتى بحرمة المظاهرات ضد صالح وجواز قتل المتظاهرين بدعوى أنهم خوارج على ولي الأمر، وشأن مفتي مصر الذي كان يفتي بحرمة النقاب وحل فوائد البنوك، وجواز الارتداد عن الدين واعتناق دين آخر، وشأن مفتي محمود عباس المدعو  د/ الهباش ـ وربما كان له نصيب من اسمه ــ ويتولى منصب وزير الأوقاف في بلدية رام الله، وقد أفتى بقتل كل من يخرج على الولي الشرعي محمود عباس البهائي، والقائمة طويلة وزاخرة بالأسماء، فالتجارة رائجة، والبضاعة وفيرة، وسفلة المسترزقين بالفتات والرضا بالدنيا وزينتها أكثر من هموم القلوب الجريحة للشعوب المقهورة.
ـ المفتي حسُّون فاق كل هؤلاء بجمعه بين عقيدة فاسدة غارقة في التصوف الحلولي، والميل للتشيع الجعفري الرافضي، حتى أنه قد تشيع فعلاً على أصح الأقوال، وأبرز ما دل على ذلك تهجمه على أم المؤمنين عائشة والصحابي معاوية في خطبة الجمعة، والشيعة يبرزون اسمه في كتبهم الدورية عن المتحولين للرفض والتشيع، كما أنه قد أُثر عنه في عدة مواطن إساءة أدب بالغة في الحديث عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أضف عما تواتر من كلام علماء الشام من أنه قد سرق جهد أحد الأساتذة المصريين في تحقيق كتاب الأم للشافعي ونسبه لنفسه، إلى غير ذلك من مظاهر لفساد المنهج والعقيدة والسلوك والأخلاقيات.
ـ أما فيما يتعلق بمواقفه السياسية والتي نأخذ منها العبرة والعظة، فالمفتي حسُّون قبل اندلاع الثورة السورية وبعدها، وقبل تولي بشار وبعد توليه، لم يكن سوى الغطاء الشرعي لهذه الطائفة النصيرية المرتدة عن الدين بيقين وإجماع المسلمين، فهو المبرر والمحلل والمشرع لكل جرائم القتل والسفك التي وقعت بحق شعب الثورة فهو بحق مفتي النظام وشيخ الشبيحة، والمفتي حسُّون منذ أيام الهالك حافظ الأسد وهو متربع على كرسي الإفتاء رغم عدم أهليته بالمرة للمنصب، فهو مفتي لكل العصور ومع كل الرؤساء، يميل حيث مالوا، وطوع إشارة كل رئيس، فهو قد تبنى موقفًا عدائيًّا واضحًا وصريحًا ضد الثورة منذ أول يوم وأصدر صكوك التخوين والعمالة بحق كل الثوار، وأفتى ببوارهم وخلودهم في النار، وجواز قتلهم وسحلهم وتعذيبهم بكل سبيل في المعتقلات والسجون السرية الرهيبة للنظام البعثي الوثني النصيري، وكان وما زال بوق النظام في كل مكان، مما ألقى البغضاء والكراهية له في قلوب الناس حتى أنه لما زار لبنان منذ أسابيع استقبله اللبنانيون بالبيض والطماطم وأهانوه بشدة من جراء مواقفه ضد الثورة السلمية للسوريين، ولكن أشد جرائم المفتي حسون بحق الثورة ادعاؤه الانضمام للثوار في درعا في لقطة فيديو تناقلتها وسائل الإعلام وهو يبكي شهداء درعا والصنمين، ويعلن تأييده لمطالب الثوار وهو الذي أفتى لجنود بشار بسفك دمائهم من قبل، فهو كما يقولون في العامية  المصرية "يقتل القتيل ويمشي في جنازته"، ثم اتضح بعد ذلك أنها مكيدة من سيده الطاغية الذي أرسله للتجسس على الثورة وكشف زعمائها الحقيقيين في خسة ونذالة معهودة عن علماء السلطة في كل زمان ومكان.
ـ المفتي حسُّون اليوم يتجرع من كأس فتاوى إباحة القتل والسفك للعزل والأبرياء من أبناء الشعب السوري، التي أطلقها وبرر لجنود الطاغية بشار بها جرائمهم البشعة، حسُّون اليوم يشيع أصغر أبنائه وثمرة فؤاده وأحب ولده بعد أن قتلته ليست أيدي الغدر والجبن كما يقولون بل قتله ضلال أبيه وتبريره للطغيان والاستبداد، المفتى حسُّون يدفع اليوم ثمن تحالفه مع الشيطان وخدمته للطغيان، فقتل الشاب سارية لم يخرج عن أزلام النظام الذي لا يتورع عن التخلص من أقرب رجاله أقصد نعاله، فهذه الجريمة لا يقدم عليها ثائر شريف مثل ثوار سوريا، فالثورة السورية رغم كل ما تعرضت له من جرائم وحشية مازالت ثورة سلمية لم يرفع فيها الثوار السلاح، ثم ما هي جريمة سارية التي اقترفها ليقتله الثوار؟، وهم ما ثاروا إلا بسبب الظلم والقهر والاضطهاد، فأغلب الظن أن زبانية النظام وشبيحة بشار قد قتلوا سارية ليؤججوا العنف ضد الثورة، ويحشدوا تعاطفًا مع المفتي حسُّون الذي تبوأ مركزًا مرموقًا في سجل أعداء الشعب السوري على مر التاريخ، ويؤكدوا على أكاذيبهم بحق الثورة أنها مجموعة من العصابات المسلحة التي ترتكب الجرائم بحق السوريين الأبرياء.
المفتي حسُّون قد دفع ثمن ولائه وخدمته للاستبداد والطغيان وتبريره للسفك والتعذيب والسحل بأغلى الأثمان، دفعه بأصغر أبنائه، فهلا اعتبر كل مفتي للسلطة وشيخ للنظام الاستبدادي بما جرى لحسُّون؟! وهل تحدث جريمة جديدة في سوريا يكون ضحيتها ولد للبوطي الذي أباح السجود على صورة بشار، أو ولد لحبش أو كفتارو أو غيرهم من كتيبة النظام الشرعية! لتستمر الآيات والسنن تعمل في هؤلاء القوم وهم غافلون.
وأخيرًا، أقول للمفتي حسُّون: إنك لما سكتَّ على مشاهد القتل والتعذيب المروعة بحق السوريين ولم تنكر أو تتكلم، لما رأيت بأم عينيك والعالم بأسره رأى ما فعله زبانية بشار بالطفل حمزة الخطيب من تعذيب ونكال ووحشية، وما فعلوه بالفتاة زينب الحمصي التي قطع رأسها وسلخ جلدها وقطعت أطرافها، لما رأيت ذلك كله ولم تتكلم أصابك الله بما جرى، وعاملك وجزاك من جنس عملك، وما ربك بظلام للعبيد، فحس يا حسُّون!

السبت، 1 أكتوبر 2011

كيف دخل الإسلاميون للعمل الوطني العام ؟


أخرجت ثورة 25 يناير التيار الإسلامي في مصر، بفرقه المختلفة، من دائرة الحظر والقمع إلى دائرة الضوء والقانون، وأتاحت له فرصة تاريخية للمساهمة في العمل العام. ومن ثمار هذا التحول الظهور القانوني لأحزاب سياسية بمرجعية إسلامية، واسقاط القيود على الإسلاميين، وظهور وسائل إعلام واعدة، منها هذه الجريدة التي شرفت بتلقي دعوة الكتابة فيها برغم عدم انتمائي للحزب الذي يصدرها.
التحدي التالي والأكبر من مجرد كسر القيود ووجود كيانات قانونية هو الاندماج الفعلي لهذا التيار في العمل العام والمساهمة في بناء مصر. وأتصور هنا أن هناك أكثر من جبهة أمام ناشطي هذا التيار، سأتحدث اليوم عن جبهة العمل الوطني مع مؤسسات الدولة والأحزاب والقوى الليبرالية واليسارية، على أن أتحدث لاحقا، بإذن الله، عن جبهة العمل داخل التيار ذاته.
على الإسلاميين التعامل مع غيرهم من التيارات دون الشعور بأنهم (أي الإسلاميين) أمة من دون الناس. فالإسلاميون جزء لا يتجزأ من نسيج هذا الوطن، وهم جزء من مسلمي مصر الذين يشكلون نحو 95 في المائة من السكان. ولابد هنا من توضيح عدة أمور:
أولا: أن الهدف الذي لابد أن يُجمع عليه المصريون، إسلاميون وغير إسلاميين، في هذه اللحظة التاريخية هو بناء مصر القوية في كافة المجالات وعلى الأخص: النظام السياسي وحماية الحريات والتعددية والقضاء المستقل، الاقتصاد الوطني وما يرتبط به صناعة وزراعة ومواصلات وخدمات، والهُوية العربية والإسلامية وما يتصل بها تعليم وثقافة وإعلام وغيرها. الأولوية لابد أن تعطى لهذه الأمور الملموسة التي تخلق إنسانا مصريا جديدا، وتحافظ على كرامته، وتمكنه من التصدي للقضايا الأكبر لاحقا. أما وضع القضايا الأكبر على الأجندة الوطنية الآن فسيؤدي إلى اختلاف القوى السياسية وانقسام الشارع، كما أن حسم هذه القضايا يحتاج إلى أوضاع مواتية من الناحيتين السياسية والاقتصادية ومن ناحية مكانة مصر بين الدول. سُنة التدرج ضرورة حاكمة في بناء الأمم ونهضتها.
ثانيا: كان على الإسلاميين في ظل النظام السابق واجب النضال من أجل حريتهم، أما الآن فواجبهم أهم وأخطر، إذ عليهم أن يُسهموا مع القوى الوطنية الأخرى في التصدي لمهمة بناء مصر ووضعها على الطريق المؤدي إلى نهضتها دون تصور أنه يجب عليهم الإنفراد بهذه المهمة ودون إعادة إنتاج ممارسات النظام البائد من إقصاء وإستعلاء وتضخيم للذات. أخطاء التيار الإسلامي في السابق كانت تعود عليهم هم فقط في معظم الحالات، أما أخطاؤه الآن فستعود على مصر كلها، بل وستنعكس على الدول العربية، فالوضع الجيوسياسي لمصر يحتم عليها التأثير في محيطها العربي والافريقي. على إسلاميي مصر تقديم نموذج يحتذى به في دول الجوار. 
ثالثا: لا يجب أن يتصور الإسلاميون أن برامجهم فقط هي التي ستحقق مصالح مصر والمصريين. فقبول العمل السياسي العام في أيامنا هذه معناه، من جملة ما يعني، أن الجميع يتنافسون من أجل تحقيق المصلحة العامة للمصريين، على اختلاف مرجعياتهم الفكرية والسياسية. والتنافس يعني أن هناك تعددا في الرؤى والبرامج والوسائل، وأن الحقيقة المطلقة لا يمتلكها أي تيار بما في ذلك التيار الإسلامي. والمعيار الحاكم في المستقبل هو مدى واقعية برامج الإسلاميين، وغير الإسلاميين، ومدى قدرتها فعلا على تحقيق المصلحة العامة، والممارسة وحدها هي التي ستحكم بين هذه البرامج. على الإسلاميين الإنفتاح على الجميع والتواصل معهم وبناء جسور من الثقة والتعاون والدخول في تحالفات وإئتلافات على أرضية واحدة مشتركة هي المصلحة العامة لمصر والمصريين.
رابعا: وبرامج الأحزاب الإسلامية برامج بشرية تعكس فهْم قطاع من المسلمين لمرجعيتهم الإسلامية ولا تعني الإسلام ذاته، وبالتالي لا يجب أن يتصور أي فريق إسلامي أنه يقدم لمصر الإسلام في شكل برامج سياسية، وإنما هو يقدم لهم برامج سياسية مستمدة من فهم هذا الفريق للقرآن والسنة. ولهذا تتعدد الأحزاب داخل التيار الإسلامي ذاته. كما لا يجب تصور أن مواقف النشطاء الإسلاميين هي المواقف الصحيحة على طول الخط. فهناك حركات سياسية محسوبة على التيار الإسلامي فشلت خارج مصر، كما أن تحركات بعض الإسلاميين في مصر شابها الكثير من أوجه القصور والخطأ قبل ثورة 25 يناير. وسبل النجاح في العمل السياسي تتطلب الرجوع إلى الخبراء والمستشارين، والإستماع إلى النقد بل وممارسة النقد الذاتي.
خامسا: مجالات العمل العام وخدمة المصلحة العامة في مصر بعد الثورة لا تنحصر في المجال السياسي فقط. فبعد أن انكسرت القيود، فتحت الأبواب أمام كل أوجه العمل الخيري والدعوي والمجتمعي بشكل عام. ولهذا أتصور أن الباب لابد أن يفتح لمبادرات وتحركات وطنية يشرف عليها هذا التيار بمفرده أو بالتعاون مع غيره من التيارات ومن رجال أعمال شرفاء ومؤسسسات الدولة وغيرها.
وفي اعتقادي أن الأهم هنا هو الاستثمار في بناء الإنسان المصري الجديد، أي في العقول وفي التعليم. وقد اقترحت في مناسبات متفرقة ضرورة تبني القوى الإسلامية، وغير الإسلامية، إقامة صناديق وقف أهلية لإدارة وتمويل خطط مدروسة لابتعاث الشباب المصري للخارج للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه في علوم السياسة والاقتصاد والاجتماع والقانون والإعلام والإدارة، فنهضة الأمم تحتاج بشدة إلى هؤلاء بجانب علماء الهندسة والطب والكيمياء والفيزياء، وتحتاج إلى دفع الشباب إلى السفر والدراسة بالخارج والتفاعل الواعي مع حضارات الشرق والغرب وامتلاك أدوات التغيير الحضاري. والله أعلم.

كيف ندعم الديمقراطية بمفهوم إسلامي ؟

للإجابة عن السؤال عنوان المقال نورد أمور ثمانية:  
أولا: لمعظم مفاهيم العلوم الاجتماعية والسياسية مضامين ودلالات متباينة بتباين السياق الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وتختلف باختلاف رؤى الباحثين وقناعاتهم. والديمقراطية كمفهوم وكنظام سياسي ليست استثناءً من هذه القاعدة، فلها معان كثيرة تبدأ من المعنى الحرفي لها (أي حكم الكثرة أو الشعب) والذي لم ير النور في أي مكان عبر التاريخ نظرا لتنوع أساليب ممارسة الحكم من الأسلوب المباشر  كما في بلاد اليونان القديمة إلى الأسلوب غير المباشر أو ما يسمى الديمقراطية التمثيلية أو النيابية. كما اختلفت معان كلمة الشعب، فعند اليونانيين القدامي كانت تعني طبقة الأحرار فقط، وهذه نظرة عنصرية بمقاييس زماننا هذا، كما لم يمتلك السود ولا المرأة الحقوق السياسية في أوروبا وأمريكا حتى القرن العشرين. وتعني كلمة كلمة الشعب الآن كل المواطنين الراشدين بلا تمييز على أي أساس كان.   
ثانيا: الديمقراطية، كنظام للحكم، تتصل بشق المؤسسات في النظام السياسي الذي يُعرف بأنه مجموعة من المؤسسات السياسية الرسمية (أي التشريع والتنفيذ) مرتبطة بالمرجعية العليا للمجتمع أي بقيمه العليا ومبادئه الأساسية وأولويات مجتمعه. ولهذا فالديمقراطية ليست – كما يظن البعض- عقيدة سياسية أو مذهب سياسي وإنما هي نظام سياسي يستهدف أمرين أساسيين، هما: تقييد سلطة الحكام والحد من احتمال تعسفهم في استخدام السلطة، وصيانة كرامة الأفراد وحرياتهم وحقوقهم. والديمقراطية تحقق هذا بوضعها عددا من الأطر الدستورية والقانونية والترتيبات المؤسسية والقواعد السياسية، تشكل مجتمعة ما يطلق عليه النظام الديمقراطي.
والمؤسسات الديمقراطية بهذا المعنى تأتي إعمالا للمرجعيات، وبالتالي فليس من المتصور لهذه المؤسسات أن تخترق المرجعيات العليا وقيم المجتمع. ولهذا لا يمكن تصور أن الكونغرس الأمريكي يمكنه أن يصدر قانونا يتعارض مع المبادئ الليبرالية التي تشكل المرجعية العليا.   
ثالثا: لا يوجد نظامان ديمقراطيان متطابقان، فللديمقراطية جوهر شبه ثابت يشكل خصائصه العامة المشتركة في معظم الدول الديمقراطية الحالية، أما تفاصيل كل نظام فيعتمد على أوضاع كل دولة، يأتي على رأسها المرجعية العليا للدولة والقيم والثقافة السائدة وأولويات المجتمع في لحظة تاريخية محددة.
رابعا:  الخصائص العامة المشتركة للديمقراطية هي: 
بدلا من شخصنة الحكم وتحكم فرد أو مجموعة أفراد، تفصل الديمقراطية بين المجالين العام والخاص وتحول الحكم إلى وظيفة لها قواعدها وضوابطها، يتولاها من يرى في نفسه القدرة على الحكم وتختاره جموع المواطنين. وهذا هو معنى أن الشعب مصدر السلطة أو السيادة الشعبية. ولتطبيق هذا المبدأ -الذي يهتم بالأساس بمن يحكم وكيف يحكم- تم تطوير عدد من المؤسسات والآليات والقواعد المتصلة بشروط ومؤهلات الحكام (ونقصد بطبقة الحكام هنا كل المسؤولين بدءا من رئيس الدولة ونواب البرلمانات وحتى أصغر موظف منتخب في المحليات، وعدد هؤلاء في أميركا أكثر من خمسمائة ألف مسؤول منتخب)، وبحدود مسؤولية كل مسؤول، وبكيفية اختيار الحكام واختيار هيئات تمثيلية يشارك الشعب عبرها في السلطة، وبكيفية مراقبة الحكام ومحاسبتهم وإقالتهم عند الضرورة، وبقواعد عملية اتخاذ القرارات وصنع السياسات وتقويمها وسبل تنفيذها وتعديلها عند الضرورة.

بدلا من الحكم بالهوى، استندت الديمقراطية إلى مبدأ حكم القانون، أي وجود دستور مسبق يخضع له الحكام والمحكومون ويتساوون أمامه (الحكم الدستوري). ولتطبيق هذا المبدأ كان لا بد من وجود عدد من المؤسسات والآليات والضوابط في دستور ديمقراطي فعال ومطبق، يأتي بالتوافق بين كافة القوى السياسية والاجتماعية، ويتضمن آليات لتحييد الولاءات المذهبية والطائفية والعرقية والقبلية، وقواعد لاختيار الحكام ومحاسبتهم وإجراءات لاتخاذ القرارات والسياسات، وأدوات للرقابة السياسية والقضائية والقانونية والمالية والإدارية، وضمانات للفصل بين السلطات واستقلال القضاء وانصياع سلطتا التشريع والتنفيذ لأحكامه، وضمانات لعدم خضوع الهيئات المنتخبة لنفوذ هيئات غير منتخبة كالمؤسسات العسكرية أو الأمنية.

تمكين المواطنين من المشاركة السياسية الفعالة. ويقتضي هذا المبدأ آلية انتخابات ديمقراطية بضمانات حقيقية لكي تكون الانتخابات فعالة (بمعنى أن تؤدي وظائفها الحقيقية)، وحرة (أي تحترم السلطة الحريات والحقوق الأساسية)، ونزيهة (أي تتسم إدارة الانتخابات بالشفافية والحياد بجانب دورية الانتخابات). كما تحتاج المشاركة ضمانات للتداول على السلطة كتحديد مدة الرئاسة، وضمانات لوجود معارضة فعالة في البرلمانات، وضمانات للتعددية السياسية والحزبية ولحرية الصحافة والإعلام. هذا بجانب ضرورة احترام حق تقرير المصير وعدم الخضوع لأي نفوذ أجنبي كي لا تتكرر مأساة الانتخابات الفلسطينية والعراقية تحت الاحتلال.

بدلا من التمييز بين الناس على أي أساس كان، انتهت الديمقراطية إلى فكرة مساواة جميع البشر في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي الالتزام بالواجبات (مبدأ المواطنة). ويستلزم هذا المبدأ عددا من الضمانات الدستورية والقضائية والسياسية، وأهمها استقلال القضاء وقيامه بدور الرقابة القضائية، بجانب ضمانات لتساوي الفرص أمام الجميع واعتماد مبدأ الكفاءة في التعيينات واختيار المسؤولين وفي الترقيات.
خامسا: تبني الديمقراطية في أي دولة هي عملية بناء لنظام سياسي، وليست عملية نقل نظام جاهز من الخارج. فالديمقراطية كنظام للحكم ليست كجهاز الحاسب الآلي يمكن استيراده ككتلة واحدة من الخارج، وإنما يتم الأمر عن طريق بناء النظام بخصائصه المتعارف عليها وتطوير واختيار التفاصيل التي تناسب أوضاع كل مجتمع، مع الأخذ في الاعتبار مرجعية الدولة، أي قيمها العليا وأولويات المجتمع واحتياجاته. هذا ما فعله قادة الهند (منذ أكثر من 60 عاما) وماليزيا (منذ أكثر من 50 عاما) وقادة ونخب أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية وبعض الدول الآسيوية والافريقية، عندما ارتفعت هذه القيادات والنخب إلى مستوى المسؤولية وفهموا جوهر الديمقراطية وتطورها وخصائصها ووظائفها ثم قاموا بعمليات مواءمة وقدموا مقاربات فكرية استفادت من منجزات الشعوب في أساليب الحكم والديمقراطية دون أن تتجاوز أولويات مجتمعاتهم وثقافاتهم المختلفة. والناتج هو وجود نظم حكم ديمقراطية تقود هذه البلدان اليوم نحو النهضة والتقدم.
سادسا: الديمقراطية ليست منتجا غربيا صرفا كما يعتقد البعض، فصحيح أنها كنظام سياسي تطورت في الدول الغربية الليبرالية، إلا أنه ثبت نجاحها أيضا خارج الغرب وضمن مرجيعات أخرى كما حال ماليزيا والهند واليابان وأمريكا اللاتينية. والديمقراطية منتج إنساني شاركت الكثير من الحضارات في إنجازه، ولها جذور في الفكر الإغريقي والروماني قبل الميلاد، وفي الحضارة الإسلامية أيضا. غير أنه إحقاقا للحق فإن للدساتير والأنظمة الغربية الحالية الفضل في بلورة النظام الديمقراطي وابتكار الكثير من المؤسسات والآليات التي ساهمت في وضع جوهر الديمقراطية موضع التطبيق.
سابعا: النظام الديمقراطي ليس النظام الأمثل، ولكنه أقل الأنظمة سوءا، وأفضلها في الحد من استبداد الحكام، وأكثرها توفيرا لآليات محاسبة المسؤولين المقصرين. ولا يوجد نظام ديمقراطي مكتمل الأركان يصلح لكل دول العالم، والديمقراطية لا يمكن استيرادها دون مراعاة للأوضاع الداخلية لكل مجتمع.
ثامنا: للديمقراطية أشكال مختلفة (مباشرة، شبه مباشرة، تمثيلية أو نيابية رئاسية أو برلمانية أو شبه رئاسية، وهناك الديمقراطية التوافقية..)، وهي (كما كل المؤسسات والقواعد) قابلة للتعديل والتطوير لتلائم أهداف كل مجتمع وأولوياته. ومن العيوب التي يجتهد الكثير من السياسيين الغربيين وغير الغربيين في إيجاد حلول لها نفوذ المال السياسي والعصبيات في الانتخابات، ودور اللوبيات وجماعات الضغط، وسيطرة الشركات الكبرى.
والسؤال هو هل تتعارض الديمقراطية بمعناها السالف الذكر مع الإسلام. تحتاج الإجابة مقال منفصل بعون الله.