الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

حس يا ........... حسون

ليس عند المسلمين في الموت شماتة، وليس من خلقهم التشفي في مصارع القوم، ليس لنا أمام مثل هذه المصائب والنوازل إلا الاعتبار والتدبر والتعجب من قدرة العلي الحكيم، فكأس المنايا دائر على الجميع، وما من أحد إلا وسيتجرع منه عاجلاً أو آجلاً، ولكنها العبر والعظات من صروف الدهر وحوادث الزمان.
ـ يوم الأحد لقي الشاب سارية مصرعه في حادثة قتل متعمدة، عندما أطلق عليه النار من سيارة مسرعة مرت بجواره وهو خارج من كليته للاقتصاد والسياسة بدمشق، وسارية شاب في مقتبل شبابه، متفوق دراسيًّا، مهذب أخلاقيًّا، وهو مثل كثير من الشباب السوري المثقف، وليس له ذنب يقتل به فيما نعلم، ولا جريرة يؤخذ بها إلا جريرة ليست له في اختيار ولا مقدار، وهي كونه الابن الأصغر لواحد من أكثر الشخصيات بغضًا وكراهية لدى الشعب السوري، فسارية هو ابن مفتي سوريا بدر الدين أحمد حسُّون، أو مفتي الشبيحة كما يطلقون عليه الآن في سوريا.
ـ المفتي حسُّون يعتبر تجسيدًا كاملاً لمعنى الشيخ الرسمي وعلماء السلطة الذين لا يجرؤ الواحد منهم على قول الحق، وغاية وجوده تبرير كل مواقف الرئيس، والثناء على كل قراراته، والتهليل والتبريك لكل خطواته، المفتى حسون ليس بدعًا من علماء السلطة وخدمة النظم الاستبدادية القهرية، فشأنه في ذلك شأن طابور طويل من المفتين العابثين بأصول الدين من أجل رضا الجالس فوق الكرسي، شأنه شأن مفتي القذافي "علي أحمد بوصونة" الذي كان يبيح دم الثوار ويحلل للقذافي قتلهم وتشريدهم، وشأن مجلس علماء اليمن الموالي للسفاح صالح والذي أفتى بحرمة المظاهرات ضد صالح وجواز قتل المتظاهرين بدعوى أنهم خوارج على ولي الأمر، وشأن مفتي مصر الذي كان يفتي بحرمة النقاب وحل فوائد البنوك، وجواز الارتداد عن الدين واعتناق دين آخر، وشأن مفتي محمود عباس المدعو  د/ الهباش ـ وربما كان له نصيب من اسمه ــ ويتولى منصب وزير الأوقاف في بلدية رام الله، وقد أفتى بقتل كل من يخرج على الولي الشرعي محمود عباس البهائي، والقائمة طويلة وزاخرة بالأسماء، فالتجارة رائجة، والبضاعة وفيرة، وسفلة المسترزقين بالفتات والرضا بالدنيا وزينتها أكثر من هموم القلوب الجريحة للشعوب المقهورة.
ـ المفتي حسُّون فاق كل هؤلاء بجمعه بين عقيدة فاسدة غارقة في التصوف الحلولي، والميل للتشيع الجعفري الرافضي، حتى أنه قد تشيع فعلاً على أصح الأقوال، وأبرز ما دل على ذلك تهجمه على أم المؤمنين عائشة والصحابي معاوية في خطبة الجمعة، والشيعة يبرزون اسمه في كتبهم الدورية عن المتحولين للرفض والتشيع، كما أنه قد أُثر عنه في عدة مواطن إساءة أدب بالغة في الحديث عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أضف عما تواتر من كلام علماء الشام من أنه قد سرق جهد أحد الأساتذة المصريين في تحقيق كتاب الأم للشافعي ونسبه لنفسه، إلى غير ذلك من مظاهر لفساد المنهج والعقيدة والسلوك والأخلاقيات.
ـ أما فيما يتعلق بمواقفه السياسية والتي نأخذ منها العبرة والعظة، فالمفتي حسُّون قبل اندلاع الثورة السورية وبعدها، وقبل تولي بشار وبعد توليه، لم يكن سوى الغطاء الشرعي لهذه الطائفة النصيرية المرتدة عن الدين بيقين وإجماع المسلمين، فهو المبرر والمحلل والمشرع لكل جرائم القتل والسفك التي وقعت بحق شعب الثورة فهو بحق مفتي النظام وشيخ الشبيحة، والمفتي حسُّون منذ أيام الهالك حافظ الأسد وهو متربع على كرسي الإفتاء رغم عدم أهليته بالمرة للمنصب، فهو مفتي لكل العصور ومع كل الرؤساء، يميل حيث مالوا، وطوع إشارة كل رئيس، فهو قد تبنى موقفًا عدائيًّا واضحًا وصريحًا ضد الثورة منذ أول يوم وأصدر صكوك التخوين والعمالة بحق كل الثوار، وأفتى ببوارهم وخلودهم في النار، وجواز قتلهم وسحلهم وتعذيبهم بكل سبيل في المعتقلات والسجون السرية الرهيبة للنظام البعثي الوثني النصيري، وكان وما زال بوق النظام في كل مكان، مما ألقى البغضاء والكراهية له في قلوب الناس حتى أنه لما زار لبنان منذ أسابيع استقبله اللبنانيون بالبيض والطماطم وأهانوه بشدة من جراء مواقفه ضد الثورة السلمية للسوريين، ولكن أشد جرائم المفتي حسون بحق الثورة ادعاؤه الانضمام للثوار في درعا في لقطة فيديو تناقلتها وسائل الإعلام وهو يبكي شهداء درعا والصنمين، ويعلن تأييده لمطالب الثوار وهو الذي أفتى لجنود بشار بسفك دمائهم من قبل، فهو كما يقولون في العامية  المصرية "يقتل القتيل ويمشي في جنازته"، ثم اتضح بعد ذلك أنها مكيدة من سيده الطاغية الذي أرسله للتجسس على الثورة وكشف زعمائها الحقيقيين في خسة ونذالة معهودة عن علماء السلطة في كل زمان ومكان.
ـ المفتي حسُّون اليوم يتجرع من كأس فتاوى إباحة القتل والسفك للعزل والأبرياء من أبناء الشعب السوري، التي أطلقها وبرر لجنود الطاغية بشار بها جرائمهم البشعة، حسُّون اليوم يشيع أصغر أبنائه وثمرة فؤاده وأحب ولده بعد أن قتلته ليست أيدي الغدر والجبن كما يقولون بل قتله ضلال أبيه وتبريره للطغيان والاستبداد، المفتى حسُّون يدفع اليوم ثمن تحالفه مع الشيطان وخدمته للطغيان، فقتل الشاب سارية لم يخرج عن أزلام النظام الذي لا يتورع عن التخلص من أقرب رجاله أقصد نعاله، فهذه الجريمة لا يقدم عليها ثائر شريف مثل ثوار سوريا، فالثورة السورية رغم كل ما تعرضت له من جرائم وحشية مازالت ثورة سلمية لم يرفع فيها الثوار السلاح، ثم ما هي جريمة سارية التي اقترفها ليقتله الثوار؟، وهم ما ثاروا إلا بسبب الظلم والقهر والاضطهاد، فأغلب الظن أن زبانية النظام وشبيحة بشار قد قتلوا سارية ليؤججوا العنف ضد الثورة، ويحشدوا تعاطفًا مع المفتي حسُّون الذي تبوأ مركزًا مرموقًا في سجل أعداء الشعب السوري على مر التاريخ، ويؤكدوا على أكاذيبهم بحق الثورة أنها مجموعة من العصابات المسلحة التي ترتكب الجرائم بحق السوريين الأبرياء.
المفتي حسُّون قد دفع ثمن ولائه وخدمته للاستبداد والطغيان وتبريره للسفك والتعذيب والسحل بأغلى الأثمان، دفعه بأصغر أبنائه، فهلا اعتبر كل مفتي للسلطة وشيخ للنظام الاستبدادي بما جرى لحسُّون؟! وهل تحدث جريمة جديدة في سوريا يكون ضحيتها ولد للبوطي الذي أباح السجود على صورة بشار، أو ولد لحبش أو كفتارو أو غيرهم من كتيبة النظام الشرعية! لتستمر الآيات والسنن تعمل في هؤلاء القوم وهم غافلون.
وأخيرًا، أقول للمفتي حسُّون: إنك لما سكتَّ على مشاهد القتل والتعذيب المروعة بحق السوريين ولم تنكر أو تتكلم، لما رأيت بأم عينيك والعالم بأسره رأى ما فعله زبانية بشار بالطفل حمزة الخطيب من تعذيب ونكال ووحشية، وما فعلوه بالفتاة زينب الحمصي التي قطع رأسها وسلخ جلدها وقطعت أطرافها، لما رأيت ذلك كله ولم تتكلم أصابك الله بما جرى، وعاملك وجزاك من جنس عملك، وما ربك بظلام للعبيد، فحس يا حسُّون!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق