الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

عبرات قذافية

«كيف تتخلى عن حليفك خلال 24 ساعة؟». هكذا عنون موقع «ميدل إيست أون لاين»، الإخباري في الإنترنت، على خبر رفض الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تلقي اتصال من «حليفه» السابق معمر القذافي بعدما تهاوت سلطته في ليبيا.  نعم، إنها السياسة والمصالح؛ حيث لا صديق دائم، ولا عدو مزمن. على الرغم من أن الجزائر كانت إلى أيام - وربما إلى الآن - ليست مطمئنة لما يجري في الجارة ليبيا، لأسباب كثيرة، ليس فقط كما يقول أنصار الثورة العرب من أن النظام الجزائري شرير ويكره الحرية، بل أيضا لأسباب واقعية تتعلق بنشاط جماعات العنف الديني في الجزائر وليبيا، وعدم وضوح الصورة تماما بالنسبة للجزائر التي عانت المر الصافي من ويلات الإرهاب الديني، وبالكاد أغلقت هذه الصفحة، أو هكذا تتوهم.  القذافي، وكل عباد الوهم والذات، يظنون أن تودد الناس لهم، أو الدول أو الجماعات أو الأفراد، نابع من قيمة ذاتية عليا، لا علاقة لها بما يمثله هو من قوة ونفوذ ومصالح، إنه كلي القدرة، مطلق القيمة، وربما كان ذلك بسبب الاستعداد الذاتي للعظمة والصنمية، وأيضا بسبب كمية النفاق المريع الذي يراق منذ 40 سنة في أكواب السلطة.  من انشق عن القذافي وشكل المجلس الانتقالي هم جلهم من رجالات العهد القذافي، بل وبعضهم شريك أساسي في صناعة ليبيا القذافية، أمثال الهوني وجلود وشلقم، وغيرهم، لكنهم قفزوا من السفينة القذافية، في اللحظة التي قرروا فيها أن العقيد شخص غير مفيد للبلد وللمستقبل، ولكل مصلحة موضوعية كانت أم ذاتية. وهذا ما كان، بشكل أكثر وضوحا، في مصر مبارك؛ حيث أصبح الجميع هناك، فجأة، معارضين لمبارك منذ الأزل، وأنهم بشروا بالثورة منذ أيام الضربة الجوية المصرية في أكتوبر (تشرين الأول)!  المخدوع من اطمأن لكلمات المديح، والضعيف من هزته عبارات القدح، والقوي الأمين من لم يهززه مدح ولم يكسره قدح، وملك رؤية وإرادة للنجاح.  هانحن نرى عائلة القذافي شذر مذر في البلاد، بعد كل الهتافات التي كانت تكال له ليل نهار، من ليبيين، أو من مثقفين عرب منافقين أو محترفي لت وعجن ثوري.  تذكرت في هذا السياق أبياتا من الشعر العربي قيلت في مثل هذا الحال:  ريب الزمان وصرفه  وعتوه كشف القناعا  فأذل بعد العز منا الـ  صعب والبطل الشجاعا  ولقد نصحت فما أطعت  وكم حرصت بأن أطاعا  فأبى بنا المقدار إلا  أن نقسم أو نباعا  يا ليت شعري هل نرى  يوما لفرقتنا اجتماعا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق